مثال ملموس على إعداد التقارير في الحرب
قالت إسراء البحيصي: الحرب تغير كل مبادئ وقواعد العمل الصحفي. لقد كانت هناك مرات عديدة لم نتمكن حتى من الحصول على المياه النظيفة وشربنا المياه الفاسدة!
وبحسب تقرير العلاقات العامة لحدث "صبح" الإعلامي، أقيمت ورشة العمل المتخصصة "الصحافة في الحرب" ضمن فعاليات هذا الحدث بنسخته الثانية وذلك بحضور إسراء البحيصي مراسلة شبكة العالم حيث تحدثت في هذا اللقاء عن سنوات خبرتها في مجال الصحافة الحربية، مع التركيز على إعداد التقارير.
وقالت البحيصي في مقدمة كلمتها: في هذا اللقاء أريد أن أتحدث عن المهارات الخاصة التي يجب أن يتمتع بها الصحفي والإجابة على السؤال المهم، كيف يجب أن يعمل الصحفي في الحرب؟ في الحرب الأخيرة في غزة، كنا ضحايا، وإلى جانب محاولتنا إنقاذ حياتنا، كان علينا أن نكون حاضرين في كل مسرح حرب مهم ونغطي الأحداث الرئيسية. هذه القضية هي جوهر عمل المراسل الحربي، وبالإضافة إلى محاولته الحفاظ على أمنه الخاص وتوفير الغذاء والمياه الصالحة للشرب وما إلى ذلك، يجب عليه أيضًا أن يكون حاضرًا في جميع الأحداث الرئيسية التي تجري.
وأضافت: كمراسلة حربية، تعلمت أن أكون جاهزة في أي لحظة. لدي زي خاص أرتديه دائمًا وأكون دائمًا على استعداد لرنين هاتفي واستدعائي لشيء ما. وبالطبع، قد يكون من الخطأ أن يرسم شخص ما خطًا بين عملي وحياتي الشخصية، لكن هذا هو حالي. أعتقد أنك إذا أردت أن تكون صحفياً ناجحاً في عملك، وخاصة صحفي حربي، عليك أن تعطي الأولوية للعمل.
وأشارت هذه الناشطة الإعلامية التي تعود جذورها الى غزة: من المثير للاهتمام أن تعرفوا بأنني علمت أيضًا عائلتي أن تكون مستعدة؛ زوجي صحفي وقد علم ابنتي الكثير من هذه النقاط الهامة. لقد أخبرته أنه يجب أن يكون مستعدًا لحالات الطوارئ في أي لحظة، كما أخبرته بما يجب عليه فعله في مثل هذه المواقف حتى لا يتأذى. ولا تنسوا أنه في الحرب ليس لدينا شروط ثابتة ويمكن أن يحدث أي شيء في أي لحظة.
وفي جزء آخر من حديثها عن إعداد التقارير الإخبارية من مسرح الحرب، قالت إسراء البحيصي: في معظم الأحيان يحدث شيء ما على بعد أميال منك ولا تستطيع التواجد في مكان الحادث؛ علاوة على ذلك، لا يمكنك وضع مراسل في جميع الأماكن؛ إذن ما الذي يجب فعله في هذه الحالة؟ عليك أن تحصل على المساعدة من الناس. وفي مثل هذه المواقف، أعتمد على الأشخاص والتقارير التي يرسلونها لي. ولقد قمت بنشر عنوان صفحتي الشخصية على الإنستغرام علنًا حتى يتمكن أي شخص من إرسال تقاريره إليّ.
وتابعت: لكن السؤال الأساسي هنا، كيف يمكن الوثوق بتقارير الفيديو هذه ومعرفة دقتها؟ بداية، يجب أن أقول أنه عندما يأتي خبر من ثلاثة مصادر مختلفة، فمن الممكن الوثوق بصحته. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاعتماد عليها إذا كانت التقارير في شكل فيديو مع تحديد الوقت والمكان. دعوني أخبركم بأمر مهم، وهو أن الحرب تغير كل مبادئ وقواعد العمل الصحفي. لقد كانت هناك مرات عديدة لم نتمكن حتى من الحصول على المياه النظيفة وشربنا المياه الفاسدة!
وأكملت حديثها بضرب مثال وقالت: مثلاً يقولون إن على الصحفي أن يضع مشاعره جانباً في الحرب ويعتمد على عقلانيته، لكن هل يمكن ذلك؟ بكيت ثلاث مرات. ذات مرة اتصلت بي إحدى الأمهات وقالت إن هذا هو طفلي الأول الذي فقد حياته، ساعدوني في إخراج طفلي الثاني من تحت الأنقاض. ومرة أخرى كانت عندما تم قصف منزلي واضطررت إلى إخراج أدوات منزل طفلي وألعابه من تحت الأنقاض، والمرة الثالثة كانت عندما كنت أقوم بتغسيل صديقتي. أنت مراسل وعليك تصوير الآثار والحطام والناس الذين تحت الأنقاض؛ هل من الممكن السيطرة على العواطف هناك؟ عندما رأيت عائلة فقدت جميع أفرادها، أو عندما تم استهداف منزلي أو عندما كنت أقوم بتغسيل صديقاتي.
وذكرت مراسلة العالم: إضافة إلى ذلك، عندما تكون في حالة حرب، يرسل لك العدو رسالة تهديد مفادها أنه لا يجوز لك نشر المعلومات، وإذا نشرتها ستكون حياتك وعائلتك في خطر. ولهذا السبب فإن الكثير من الناس لا يؤجرون لك منزلاً لأنهم يقولون إن الصحفيين تحت الأنظار ومطلوبون وقد يتعرض منزلهم للقصف في أي لحظة.
ووصفت قصة إعداد أحد تقاريرها بالقول: بلغني ذات يوم أن عدداً من النساء تعرضن للاغتصاب. حسنًا، كان من الطبيعي أنه ليس من السهل الحديث عن مثل هذا الموضوع مع النساء. ماذا يجب أن أفعل هنا؟ فمن ناحية يجب توفير المعلومات، ومن ناحية أخرى يصعب الحصول على معلومات في هذا المجال. فقررت أن أذهب إلى مجموعة من هؤلاء النساء. في البداية وضعت الكاميرا بعيدًا وتحدثت مع احداهن كصديقة لأجعلها تشعر بالأمان. وبعد أن نشأت علاقة ودية بيننا، أوضحت لها أنه لن يتم تشويه سمعتها، واننا مجرد أن نريد إظهار مدى وحشية الجنود الإسرائيليين من خلال الإبلاغ عن هذه الأمور. وأخيراً وافقت على إجراء المقابلة وكنت المراسلة الوحيدة التي تمكنت من الإعلام وإعداد تقرير حول هذا الموضوع.
يذكر ان حدث "صبح" الإعلامي الدولي الثاني بأمانة محسن يزدي بدأ فعالياته في 19 مايو/أيار في ثلاثة أقسام: "القسم الرئيسي" و"قسم الإعلام الخارجي بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية" و"القسم الخاص بفلسطين". والقسم الرئيسي لفعاليات هذا المهرجان هو عرض الأعمال الوثائقية والرسوم المتحركة والأفلام القصيرة الداخلة في المسابقة، إلى جانب إقامة ورش عمل متخصصة في موضوع الإعلام.
لا توجد تعليقات